فقضية القاعدة أن لفظ "اسم" في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}[الأعلى: ١] أريد به اللفظ الذي تسمى به الله عز وجل، كلفظ الله، ولفظ الرحمن. وهذا عكس مراده.
وإيضاح هذا أن للفظ "اسم" مسمًّى هو لفظ يحيى مثلًا، وللفظ "يحيى" مسمًّى هو الرجل، فإذا أريد بالقاعدة أن لفظ يحيى إذا أطلق على وجه الحقيقة، فالمراد به الرجل، فقضية ذلك أن لفظ "اسم" إذا أطلق على وجه الحقيقة، فالمراد به لفظ "يحيى" مثلًا، فأما إطلاق لفظ "اسم" على الرجل، فلو أريد لقيل: الاسم هو المسمى بالمسمى به؛ فتدبَّرْ هذا، فإنّ فيه شبه غموض.
ومن العجب أن في كلام ابن عبد السلام (١) ما يظهر منه أن إطلاق الاسم وإرادة مدلوله، كقوله تعالى:{يَايَحْيَى} وقوله: {يَازَكَرِيَّا}، وقولك: ركبت الفرس، بل وقولنا: عبدت الله= مجاز غالب، وإنما الحقيقة هي أن يراد بالكلمة نفسها كيحيى في قوله تعالى:{اسْمُهُ يَحْيَى}[مريم: ٨]، وقولك: كتبت "جعفر"، تريد كتبت هذا اللفظ؛ ونحو ذلك.
لكنه مع ذلك عاد فقال: إن إطلاق الأسماء على الألفاظ المسمى بها حقيقة. وكأن ذلك منه مبني على أصل الوهم، وهو أن وزان لفظ "اسم" إلى الرجل، كوزان لفظ "يحيى" إلى الرجل.
وبالجملة، ففي كلامه تخليط، ولكن هذا القول ــ أعني أن إطلاق الاسم مثل "يحيى" مرادًا به مدلوله مجاز ــ قد يفسر لنا أصل النزاع في
(١) الإشارة إلى الإيجاز، طبعة دار الكتب العلمية (٤٩).