وقال يمدحه، أنشدها إياه بآمد، وكان منصرفا من بلاد الروم في آخر نهار يوم الأحد لعشر خلون من صفر سنة خمس وأربعين وثلاثمائة:
الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ ... هُوَ أَوَّلٌ وَهْيَ المَحَلُّ الثانِي
فَإذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِنَفْس مِرَّةٍ ... بَلَغَتْ مِنَ العَلْيَاءِ كُلَّ مَكَانِ
وَلَرُبَّمَا طَعَنَ الفَتَى أَقْرَانَهُ ... بالرَّأْيِ قَبْلَ تَطَاعُن الأَقْرَانِ
النفس المرة: الأبية التي لا تستعذب (. . .) من أقدم على (. . . . . . . . .) والأقران: الأكفاء، والواحد قرن.
فيقول: (. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .).
لَوْلاَ العُقُولُ لَكَانَ أَدْنَى ضَيْغَمٍ ... أَدْنَى إِلى شَرَفٍ مِنَ الإنْسَانِ
وَلَمَا تَفَاضَلَتِ النُّفوسُ وَدَبَّرَتْ ... أَيْدِي الكُمَاةِ عَوَالِيَ المُرَّانِ
لَوْلاَ سَمِيُّ سُيُوفِهِ وَمَضَاؤهُ ... لَمَّا سُلِلْنَ لَكُنَّ كالأَجْفَانِ
الضيغم: الأسد، والكماة: أبطال الشجعان، والمران: الرماح التي تجمع اللين مع الصلابة، واحدها مارن، والمضاء: النفاذ. والأجفان: أغماد السيوف.
فيقول مؤكدا للتنبيه على فضيلة الرأي: لولا العقول التي تبعث (على) الرأي، وتدل على مواضع الشجاعة، لكان أقل الأسد حالا، وأوضعها منزلة، أقرب (إلى) شرف الرفعة، وعلو المنزلة (من) الإنسان؛ لأنه يبلغ من ذلك ما لا يبلغه، ويدرك منها أكثر مما يدركه، ولكن الإنسان يفضله بعقله، ويزيد عليه بمعرفته وعلمه.
ثم قال على نحو ما قدمه: ولولا العقول لما فضلت نفوس الإنس نفوس سائر الحيوان، ولا استعملت الكماة السلاح للمنازلة، ولا (استظهرت) به عند المقاتلة ولا دبرت أيدي الفرسان عوالي الرماح، ولا صرفتها فيما تقصده من الطعن، ولكن العقول أفادت ذلك ودلت عليه (. . . . . . . . . .) إليه.
ثم قال، يريد سيف الدولة: لولا سمي سيوفه وهيبته، ومضاؤه في الحرب (. . .