للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العضديات]

وقال يمدح الملك عضد الدولة أبا شجاع فنا خسرو بن ركن الدولة.

أَوهِ بَديلٌ مِنْ قَولَتِي وَاهَا لِمَنْ ... نَأتْ والبَدِيلُ ذِكرَاها

أَوهِ أَنْ لا أَرَى مَحَاسِنَها ... وَأَصلُ وَاهَاً وَأَوهِ مَرآها

أوه: كلمة تقال على معنى التذكر والحزن، واها: كلمة تقال عند التلهف والتفجع، قال أبو النجم:

وَاهَاً لِسَلمَى ثُمَّ وَاهَاً وَاهَا

والذكر والذكرى: معروفان، والمرأى: المنظر، وما تعيده الرؤية من حقيقة المرئي.

فيقول: أنه يتداول كلمات التأسف والتفجع، فيستقل من أوه إلى قوله واها، تلهفا على من نأت عنه بعد القرب، وباعدته بعد ما كانت تبذله من الوصل، فاعتاض من السرور بقربها، ما هو عليه من التعلل بذكرها.

ثم قال معيدا لما ابتدأ به من التفجع، ومشيرا إلى ما يتشكاه من شدة التألم: أوه من ألا أرى محاسنها الكاملة، وبدائع خلقها المعجبة الرائقة، وأصل واها وأوه اللتين أشير بهما إلى ما بنفسي من الوجد والأسف، على ما امتحنت به في محبوبتي من البعد بمرآها، الذي يملكني بحسنه، وتبدلت من مشاهدته بذكره. وقد قبل إن (واها) كلمة تأتي بمعنى الاستطابة والتعجب، وهي في التلهف أبين.

شَامِيَّةٌ طَالَ ما خَلَوْتُ بِهَا ... تُبصِرُ في نَاظِري مُحيَّاهَا

فَقَبَّلتْ ناظِري تُغَالِطُني ... وإنَّما قَبَّلتْ بِهِ فَاهَا

فَلَيتَها لا تَزَالُ آوِيَهُ ... وَلَيتَهُ لا يَزالُ مَأوَاها

المحيا: الوجه، والناظر: سواد العين، والآوي: الذي يصير إلى مكان يستقر فيه، والمأوى: المكان المشتمل على من يأوي إليه.

فيقول: أم محبوبته كانت من أهل الشام، وطال ما نعم بخلوتها، واستوفر الحظ من

<<  <  ج: ص:  >  >>