أو لا، فلا عَتبٌ عَلَى طَلَلٍ ... إنَّ الطُّلُولَ لِمِثلِها فُعلُ
ثلث الواحد الاثنين: إذا صار ثالثا لهما، والطلل: ما أشرف من بقايا الديار، وإرزام الإبل: أصواتها بالرغاء عند الكلال، والعتب: الموجودة.
فيقول مستدعيا لإسعاد الطلل على ما هو بسبيله من الحزن، وما يذريه في رسومه الدارسة من الدمع: كن لنا ثالثا أيها الطلل في البكاء على ما غيرته الأيام من بهجتك، وأذهبته من غضارتك وجدتك، ووصلته من نأي أحبتنا العامرين لك، الجامعين لشمل السرور بك، فإننا نبكي فيك وإبلنا ترزم وتندب ساكنيك، ودموعنا تسجم.
ثم قال: أو لا، فلا عتب عليك في الخرس عن الجواب، والتأخر عن الإطلاب، فالطلول بمثل ذلك فاعلة، وهي في الاحتمال عليه متشاكلة.
لو كُنتَ تَنطِقُ قُلتَ مُعتَذِرَاً ... بِي غَيرُ ما بِكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ
فيقول، وهو يخاطب الطلل: لو كنت تنطق أيها الطلل، لقلت صادقا غير مكذب، ومعذورا غير مؤنب؛ إن الذي أشكوه وأظهره يقل عند ما تخفيه وتضمره، وأن دلائل ما تطويه من الأسف بادية، وشواهده وأن صمت مناديه، ولقلت: أني أبكي بكاء من شغفه الراحلون عنك بحبهم، وأوحشوه بما منعوه من قربهم، وأنك تبكي بكاء من قتلوه فلا حراك به، وأياسوه فلا رجاء في البقاء له.
ثم قال، يخاطب الطلل: أن الذين أقمت ورحلوا عنك، وبعدوا بجماعتهم منك،