ومؤلفي كتب الحكايات والنوادر لنسبة حوادث وحكايات منها ما يرفع من شأن أبي حنيفة، ومنها ما يضع من سُمعته. وأكثرها مُلَفَّقٌ موضوع للمُسَامَرَةِ والتندُّر من قِبَلِ مُحِبِّيهِ أو كارهيه على السواء، مِمَّا يجعلها عديمة القيمة العلمية في نظر العلماء والباحثين.
فجولدتسيهر أعرض عن كل ما دُوّن من تاريخ أبي حنيفة تدويناً علميّاً ثابتاً، واعتمد رواية مكذوبة لا يتمالك طالب العلم المبتدئ في الدراسة من الضحك لسماعها ليدعم بذلك ما تخيله من أنَّ السنّة النبوية من صنع المسلمين في القرون الثلاثة الأولى.
٢ - ومثال آخر عن هذا المستشرق أيضاً، فقد أعرض عَمَّا أجمعت عليه كتب الجرح والتعديل وكتب التاريخ من صدق الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزُهري - رَحِمَهُ اللهُ - (٥٠ - ١٢٤ هـ) وَوَرَعِهِ وأمانته ودينه، وزعم أنَّ الزهري لم يكن كذلك بل كان يضع الحديث للأمويِّين، وهو الذي وضع الحديث:«لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ»