للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا يعطينا صورة عن موازين البحث عند هؤلاء، فالمسألة عنده تقوم على استنتاج وَهْمِيٍّ من أمر لم يقع، فلا العرب كانوا يتعلَّمون البلاغة، ولا كانت لهم مدارس وأساتذة يضعون قواعدها، ولا النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُرِفَ عنه قبل النبوة فعل ذلك، وليس بين أيدينا نص واحد يثبته بل إنَّ المؤكد أنَّ الرسول لم ينقل عنه أثر من نثر أو شعر قبل النبوة وقبل أنْ يتنزَّل عليه القرآن الكريم.

وأمر آخر يكشف لنا عن أساس ثالث من أسس النقد والبحث عند هؤلاء المُسْتَشْرِقِينَ هو إفراطهم في اختراع العلل والأسباب والحوادث التي يدرسونها اختراعاً ليس له سند إلاَّ التخيل والتحكم، ويزيد في فساد أسلوبهم هذا أنهم يتخيَّلون أحداث الشرق والعرب وعاداتهم وأخلاقهم بأوهامهم وخيالاتهم الغريبة عن الشرق والعرب والمسلمين، ولا يريدون أنْ يعترفوا بأنَّ لكل بيئة مقاييسُها وأذواقها وعاداتها.

وقد أحسن المستشرق الفرنسي المسلم «ناصر الدين دينيه» في حديثه عن أسلوب

<<  <   >  >>