المُسْتَشْرِقِينَ وموازينهم في الحكم على الأشياء مِمَّا جعلهم يتناقضون فيما بينهم تناقضاً واضحاً في الحكم على شيء واحد، كل ذلك لأنهم حاولوا أنْ يُحَلِّلُوا السيرة المحمدية وتاريخ ظهور الإسلام بحسب العقلية الأوربية فَضلُّوا بذلك ضلالاً بعيداً لأنَّ هذا غير هذا، ولأنَّ المنطق الأوروبي لا يمكن أنْ يأتي بنتائج صحيحة في تاريخ الأنبياء الشرقيين. ثم قال: إنَّ هؤلاء المُسْتَشْرِقِينَ الذين حاولوا نقد سيرة النبي بهذا الأسلوب الأوروبي البحت لبثوا ثلاثة أرباع قرن يُدَقِّقُونَ وَيُمَحِّصُونَ بزعمهم، حتى يهدموا ما اتفق عليه الجمهور من المسلمين من سيرة نبيِّهم، وكان ينبغي لهم بعد هذه التدقيقات الطويلة العريضة العميقة أنْ يَتَمَكَّنُوا من هدم الآراء المُقَرَّرَةِ والروايات المشهورة من السيرة النبوية، فهل تَسَنَّى لهم شَيْءٌ من ذلك؟
الجواب، أنهم لم يتمكَّنوا من إثبات أقل شَيْءٍ جديدٍ، بل إذا أَمْعَنَّا النظر في الآراء الجديدة التي أتى بها هؤلاء المُسْتَشْرِقُونَ، من فرنسيِّين وإنجليز وألمان وبلجيكيِّين وهولانديِّين ... إلخ لا نجد إلاَّ