للحضارة الإسلامية، لا ينظر إليه الغَرْبِيُّونَ في أوساطهم العلمية نظر التقدير الذي يستحقه علمه. فهو - بلا شك - من أعظم علماء الاجتماع والتاريخ في القرن التاسع عشر ومع هذا فقد تحامل عليه الغَرْبِيُّونَ - وخاصة الفِرَنْسِيِّينَ - لما ذكرناه.
الثاني: أنَّ القوة المادية والعلمية التي وصل إليها الغَرْبِيُّونَ في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أدخلت في نفوس علمائهم وَمُؤَرِّخِيهِمْ وَكُتَّابِهِمْ قدراً كبيراً من الغرور حتى اعتقدوا أنَّ الغَرْبِيِّينَ أصل جميع الحضارات في التاريخ - ما عدا المصرية - وَأَنَّ العقلية الغربية هي العقلية الدقيقة التأمل التي تستطيع أَنْ تفكر تفكيراً منطقياً سليماً، أما غيرهم من الشعوب - وخاصة الإسلامية - فَإِنَّ عقليتهم بسيطة ساذجة، أو بالأصح " ذرية " كما عبر بذلك المستشرق " جب " في كتابه " وجهة الإسلام " ويقصد بذلك أَنَّ العقلية الإسلامية تدرك الأمور بواسطة الجزئيات ولا تدركها إدراكاً كُلِياً. وهم لم يحكموا بذلك إِلاَّ على ضوء ما رأوه بأعينهم من ضعف الشعوب التي استعمروها، وما