سَادَهَا من جهل، وما شملها من تأخر في كل نواحي الحياة. فلما بدأ اتصالنا بالحضارة الغربية في أوائل هذا القرن، وانتشرت الثقافة بيننا، لم يجد المُثَقَّفُونَ - من غير علماء الشريعة - أمامهم طريقاً مُمَهَّداً للحديث عن تراثنا المبعثر في كتب قديمة غير منظمة تنظيماً يتفق وتنظيم الكتب العلمية عند الغَرْبِيِّينَ، إِلاَّ كتب المُسْتَشْرِقِينَ الذين أفنوا أعمارهم في دراسة ثقافتنا وتتبع مصادرها في خزائن الكتب العامة عندهم، حتى ليظل أحدهم عشرين عاماً في تأليف كتاب عن ناحية من نواحي ثقافتنا، يرجع فيه إلى كل ما وصلت إليه يده من مصادر قديمة من كتب علمائنا الأولين.
وبهذا الدأب المتواصل عند علمائهم، والتفرغ الكامل له، والرغبة الاستعمارية والدينية التي ألمحت إليها، استطاعوا أَنْ ينظموا الحديث عن ثقافتنا تنظيماً بهر أبصار (مُثَقَّفِينَا) واستولى على ألبابهم، وخاصة عندما قارنوا بين أسلوبهم وبين أسلوب كُتُبِنَا العلمية القديمة، فاندفعوا إلى الاقتباس من كُتُبِ المُسْتَشْرِقِينَ