الحمد لله الذي أجرانا على عادة تفضله، وهدانا في جميع أحوالنا إلى طرق الخير وسبله، وخصّنا بإحسانه المتقادِم، ورزقنا من العقل ما ميّزنا به من البهائم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير بريته، وعلى الطاهرين من أهل بيته وذريته.
إعجاب المرء بنفسه يَشرع إليه ألسنة الطاعنين، وتطاوله على أبناء جنسه يجمع عليه ألسنة الشانئين؛ فلا نقيصة عندي أقبحُ سِمَةً من اغترار الإنسان بجهله، ولا رذيلة أبلغُ وصمةً من إنكار فضيلة من يقع الإجماع على فضله، ولا منقبةَ أجلب للشرف من الاعتراف بالحق إذا وضحت دلائله، ومن الانحراف عن الباطل إذا استُقبحت مجاهله، ولا دلالة على الحلم أبينُ من التوقّف عند الشبهات حتى ينجلي ظلامها، والتصرف على أحكام النّصَفة حتى تهديَك أعلامُها، وما أحسن أثر القاضي إذا عدل في الحكم وأنصف، وأقبح ذكره إذا مال عن الحق وجنف، والظلم قبيح، وهو من الحكام أقبح وأشنع، وجحود الفضل سخف، وهو من الفضلاء أسخف وأفظع، ومن لم يتميّز من العوامّ بمزية تقدم وتخصص سلق المحسنين بلسان ذمّ وتنقص، ومن عدم محاسن التمييز والتحصيل نظر إلى المُمَيَّزين بعين التقصير والتجهيل.
وأكثر آفات كتاب زماننا وشعرائه أنهم لا يهتدون لتعليل الكلام وتشقيقه، ويتبعون الهوى فيضلّهم عن منهج الحق وطريقه؛ فإذا سمعوا فصلاً من كتاب، أو بيتاً