للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانتهبه، وادعاه لنفسه وأغتصبه إلى أنه سكيت في مضماره، بل أبطل دعاوى القائلين بعصمته، وأكذبهم فيما يعتقدونه من فضل حكمته، ومجلس المحاكمة بينه وبين غيره في جميع ما شرحته، وأوضحته غير هذا المجلس الذي دللت فيه على أخذه ونقله، وبينت فيه ما لا يشك أحد فيه إذا حكم بإنصافه وعدله، ولا أنكر أن يكون لشاعر بيت مستبرَدٌ غث، وكلام مستثقل رث، ولفظة مُحيت آثار الحلاوة عنها، ونكتة بعدت أوصاف الدماثة منها، ثم تتداوله الألسن، فيسير في الآفاق سير الأمثال، وتميل إلى إنشاده العامة ناظرة بعين الكمال، وإن كان عند التأمل يلوح عليه أثر الخطأ واللحن، ويجتمع فيه مع مجاجته التصنع وفساد الذوق والوزن؛ فمن أراد أن يتكلم على سلامة الألفاظ والمعاني، ويعارضني فيما أوردته من فساد التأليف والمباني، ويحب أن يعرف عند وضوح الحق بعينه تأخر هذا الرجل (المجمع عند أصحابه على إعجازه) عن طبقات المتقدمين، وسقوطه عن منازل أكثر المحدثين عن المخضرمين، بعد أن يلقي رداء العصبية عن منكبه، ويجرى في أتباع الحق على منهاج الصواب ومذهبه لم أمنعه من الملاحة في المحاجة، ولم أدفعه عن المكابرة عند المناظرة، وقد أوردت في صدر الكتاب الذي دللت فيه على الأبيات التي أخذ معانيها دون الألفاظ فصولا تزيل الشك عن قلوب أولى العقول، وبراهين تشهد بالصدق عند تأمل الفروع والأصول، ومن عند الله التوفيق.

فمن الأبيات التي أخذ ألفاظها ومعانيها قول العوني:

ولما رفعت السَّجف أبصرتُ خلفَها ... نَفُوراً من الغزلان في أذْنِها شَنْفُ

قال المتنبي:

لجنية أم غادَة رُفِع السَّجْف ... لِوَحشية لا ما لوحشية شَنْف

أبو أحمد الخراساني:

يومي يحاكى عطاء الباخلين فما ... يُسلى فؤادي إدماني على الراح

يا ليت شعري إلى من أشتكى ضجري ... وحيرتي عند إمسائي وإصباحي

<<  <   >  >>