اللاجئون الأندلسيون مرارة التشريد وقبح الاستقبال وظلم ذوي القربى في مواطن هجرتهم.
وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر، تحول نضال الشعب الأندلسي إلى مقاومة صمّاء دفينة في القلوب، وهو يحاول التشبث ببقايا هويته وشخصيته الإسلامية تشبث الغريق. وتجاهل العالم الإسلامي، في هذه الأثناء، كلية كل مظاهر الوجود الإسلامي في الأندلس رغم السيل المتواصل من العائدين إلى الإسلام الذين انضموا إلى جيوشه البرية والبحرية في المغرب والمشرق، وقد أضاعوا أسماءهم وهوياتهم ولم يرجعهم إلى الإسلام إلا ذكرى جماعية في مجتمعاتهم وبين أهاليهم، وحقد دفين على الذين اضطهدوهم جيلاً بعد جيل، وحوّلوهم من أمة سائدة إلى أمة مستعبدة.
وفي القرنين التاسع عشر والعشرين تحول النضال الأندلسي إلى شكل جديد يتماشى مع لغة ذلك العصر، عصر القوميات. فحاول مفكرو الشعب الأندلسي الدفاع عن ما تبقى من هويتهم الخاصة التي تجعلهم قومية متميزة بلغة لا دينية يقبلها الغرب الصليبي. ولا يميز القومية الأندلسية عن باقي قوميات أوروبا، رغم ضياع لغتها العربية وكثير من خاصياتها الثقافية، سوى ذكراها لأمجادها الإسلامية وجذورها العريقة.
وحتى في هذه الفترة، تجاهل العالم الإسلامي محاولات الأندلسيين ربط الصلة به، ولم ينظروا إلى قوميتهم بالنظرة البعيدة التي تستحقها.
ثم تزعّم بلاس إنفانتي هذه الحركة فوصل بها إلى منطقها الطبيعي في ربطها بجذورها الإسلامية، فاعتنق الإسلام إيمانًا به واستعادة لشخصيته الأصيلة وطالب الأندلسيين بالرجوع إليه. وأدت أفكاره المجهولة في العالم الإسلامي إلى استشهاده على يد قوى الظلم والطغيان والتعصب قبل الحرب العالمية الثانية.
فرجعت بموته القومية الأندلسية إلى السرية الكاملة، لم تخرج منها إلا بعد انتهاء العهد الدكتاتوري الفرنكوي سنة ١٩٧٥ م. فاعترفت الدولة الإسبانية لأول مرة بعد تكوينها بتعددية الحضارات والديانات الموجودة على أرضها. فساندت الأكثرية الساحقة للشعب الأندلسي أفكار بلاس إنفانتي مطالبة بالاعتراف بالشعب الأندلسي كقومية مميزة شأنها شأن القوميتين الباسكية والقطلانية. وهكذا تأسست سنة ١٩٨٠ م منطقة الأندلس ذات الحكم الذاتي من ثمان مقاطعات في جنوب إسبانيا هي: قادس وولبة وإشبيلية وقرطبة ومالقة وجيان والمرية وغرناطة، واختيرت إشبيلية عاصمة لها.
واستعادت هذه المنطقة بعض الشعارات الإسلامية كالعلم الأندلسي والنشيد الوطني