على أنه عليه الصلاة والسلام كان يعتني بشعره فيدهنه ويرجله، ولذلك قالوا: يسن.
قال بعض العلماء: ترْجيل الشعر أن يدهن الشعر، ثم يسرِّحُه أي: أن يجمع بين تسريح الشعر، ودهنه.
وقال بعض العلماء: التَّرجيل هو مطلق التسريح بغَضِّ النظر عن كونه بدهنٍ، أو بدون دهن، ومن سماحة الشريعة أنه يُشرع للإنسان أن يضع الدهن في شعر رأسه، ولحيته، وذلك على الوسط، فلا يترك الشعر أشعث أغبر، ولا يبالغ في الإدهان، والتسريح، وإنما يكون وسطاً، أما كونه لا يتركه شعثاً فحتى لا يتشبه بأهل الرّهبنة، وأهل البدع، والأهواء من الذين هم غلاة أهل الطرق الذين يبالغون في التّزهد، والتّقشف فلا يتشبَّه بهم، وكذلك -أيضاً- لا يتشبَّه بمن يتكلّف، ويبالغ في تجميل نفسه كأهل الخَنا، والمجون فيكون وسطاً، وهذا هو القِوام الذي جعل الله -عز وجل- عليه شريعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين الإفراط، والتفريط.
ومن الأدلة على أنه لا يداوم على الترجيل حديث النسائي أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى الصَّحابة أن يمْتشطوا كل يوم، ولذلك ينبغي للإنسان إذا كان ولا بد أن يمتشط يوماً، ويترك يوماً، وهذا أبلغ في الرجولة، وأبلغ في الفحولة مع الاعتدال، دون غلو، وإجحاف، ولذلك يشرع تسريح الشعر، وتسريح اللحية، ولكن ينبغي أن يكون في فعله لذلك غير متشبه بأهل الخَنا، والفُجور؛ وإنما يكون على قصد القربة، والتَّأسي بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في إكرام الشعر.