والسُّنة أنه إذا إدّهن أن يبدأ بشقِّه الأيمنِ، فيضع الزيت على شِقِّ لحيته الأيمن، ثم يبدأ بتسريح شعر لحيته، ثم شِقّه الأيسر بعد أن يفرغ من شِقِّه الأيمن، وفي رأسه كذلك يبدأ بجانبه الأيمن، ثم الأيسر بعده، كما فعل عليه الصلاة والسلام في غسله من الجنابة، وحلقه لشعره في النُّسك كما في الصحيح، حيث راعى تقليم شق رأسه الأيمن قبل الأيسر.
قوله رحمه الله:[ويَكْتحلُ وتْراً]: الاكتحال: أن يضع الكحل في العين، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال:[عَليْكم بالإثمدِ؛ فإنه يَجلُوا البصَر، ويُنبِتُ الشَّعَرَ]، والإثمد: هو الحجر الأسود، وهذا هو المحفوظ في لغة العرب، وفيه شواهد في اللغة، وكذلك نبَّه عليه غير واحد منهم الإمام إبن مفلح رحمة الله عليه في الآداب الشرعية أنه الحجر الأسود، وهو أقوى، وأنصع، وأبلغ في تنظيف العين، وقوة البصر، وقد امتدح -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا النوع من الحجر لما فيه من العلِّة التي ذكرها:[أنه يَجْلُوا البَصَرَ، ويُنْبِتُ الشعَرَ] أي: يجلوا بصر الإنسان؛ فينظِّف العَيْنَ، ويجعل فيها حِدَّةً في الإبصار، وكذلك يُنْبِتُ الشعر في الرِّمْشِ، وهو يحفظ العين بإذن الله من الأتربة، وغيرها.
وقوله رحمه الله:[ويَكْتَحِلُ وِتْراً]: للعلماء فيه وجهان:
الوجه الأول: أن يكحل العينين معاً في المرة الأولى يبدأ باليمنى، ثم اليسرى، ثم يرجع الثانية، والثالثة كذلك.
والوجه الثاني: أن يكحل كل عين على حِدَةٍ وتراً ثم إذا إِنتهى منها أكحل اليسرى.