للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من الماء بأنفه، ثم ينثره لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما توضأ قسم كفه كما في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه فمضمض، واستنشق ثلاثاً من ثلاث غرفات أي: أن كل غرفة تكون مقسومة بين المضمضة، والاستنشاق، وهذه هي السُّنة.

قوله رحمه الله: [والُمبالَغةُ فِيهما لِغيرِ صَائمٍ]: المبالغة: مفاعلة من البلوغ، وهو الوصول تقول: بلغت الشيء إذا وصلت إليه.

فقوله: [المُبالغةُ]: أي أن الإنسان يصل إلى غاية الاستنشاق في إستنشاقه، وغاية المضمضة في مضمضته، وذلك عن طريق المبالغة في جذب الماء بالنَّفَسِ في الاستنشاق، والمبالغة في الإدارة والتحريك إلى اللهاة في المضمضة، قوله رحمه الله [لِغيْر صَائمٍ] هذا الاستثناء لحديث لقيط بن صبرة -رضي الله عنه وأرضاه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال له: [وبَالغْ في الاسْتِنْشَاقِ إلا أنْ تَكونَ صَائِماً] فقد دلّ هذا الحديث على أنه لا يُسن للإنسان أن يبالغ في استنشاقه حال صيامه، وهذا من باب التنبيه بالنظير على نظيره فنبه بالاستنشاق على المضمضة، فلا يبالغ فيها أيضاً، وذكر الاستنشاق؛ لأن الغالب في الاستنشاق ألا يتحكم الإنسان فيه عند المبالغة بخلاف المضمضة، فإن الغالب أنه يتحكم فيها.

وهذا الحديث -أعني قوله-: [وبَالِغْ في الاسْتِنْشاق] فيه تنبيه على أصل عند العلماء وهو: " أنه لا يُشْرعُ تَضييعُ الفَرائِضِ، أوْ إِرْتِكابُ المحرماتِ بفعلِ السننِ ".

توضيح ذلك: أنه إذا بالغ في الاستنشاق، ودخل الماء حلقه فإنه ضيع الواجب، وهو الصيام، وكذلك أيضاً لا يبالغ في إصابة سنة لوقوع في

<<  <   >  >>