للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

محظور كما لو كان على الحجر طيب، فإنه إذا بالغ في إصابة الحجر وهو محرم بالنسك، وأصرّ على لمسه، أو تقبيله؛ فإنه سيصيب الطيب، وذلك تحصيل لسنة على وجه يفضي إلى الوقوع في محظور مس الطيب، ولذلك قالوا: يتركه حتى يقبله الغير، ثم يقبله من بعده، أو يلمسه الغير؛ فيلمسه من بعده إذا أذهب لمس، وتقبيل الغير ذلك الطيب، ولذلك لا ينبغي تفويت الواجب، وارتكاب المحظور طلباً للسُّنة؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هنا نهى الصحابي أن يبالغ في الاستنشاق حتى لا يقع في محظور الفطر.

قوله رحمه الله: [وتَخْلِيلُ اللّحْيةِ الكَثيفةِ]: التخليل: تفعيل من الخُلَل، وخُلَل الشيء أجزاءه، والمناسم التي فيه تقول: رأيته من خُلل الباب يعني من المناسم الموجود فيه، وهي الفتحات الصغيرة، وقالوا سُمِّي التخليل تخليلاً؛ لأن الإنسان يوصل الماء إلى الشعر من خلاله يعني يخُلل الماء بين الشعر، فيدخل في خُلَل اللحية، وكذلك شعر الرأس، والأصابع؛ لأنه يدخل خنصره بين الأصابع فقالوا: خَلّل لدخول الخنصر بينها.

وقوله: [وتَخْلِيلُ اللّحيةِ] يدل على أنه مسنون، وهذا كما قلنا أنها إذا كانت كثيفة وجب غسل ظاهرها، لا باطنها لأن الله تعالى أمر بغسل الوجه، والمواجهة في اللحية الكثيفة تحصل بظاهرها؛ لا بباطنها، فكان تخليل باطنها غير واجب، والحكم بكونه سنة في اللحية مبني على حديث التخليل، وهو متكلم في إسناده، حتى قال بعض أهل العلم رحمهم الله: [لا يَصِحُّ في التّخلِيلِ شَيءٌ] ومن أهل العلم من إِعتبره وحكم بثبوته كالإمام الترمذي، والحاكم، وغيرهما رحم الله الجميع.

<<  <   >  >>