ثانياً: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال للأعرابي:[تَوضّأ كَمَا أَمَركَ الله -عز وجل-] أي على الصفة التي وردت في كتاب الله -عز وجل- وقد وردت فيه مرتبة.
ثالثاً: أنه لم يحفظ عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه توضاً فقدم عضواً على عضو على خلاف ترتيب الآية الكريمة.
لكن هنا إشكال في الحديث الذي ورد من كونه -عليه الصلاة والسلام- تمضمض بعد أن غسل وجهه، فكيف نجيب عن هذا الإشكال؟
والجواب: أن الترتيب في أعضاء الوضوء يقع على الصور التالية:
أولاً: الترتيب بين مفروض، ومفروض.
ثانياً: الترتيب بين مسنون، ومسنون.
ثالثاً: الترتيب بين مفروض، ومسنون.
فأما الترتيب بين مفروض، ومفروض فكغسل اليدين بعد غسل الوجه، وهو مفروض، ولازم.
وأما الترتيب بين مسنون، ومسنون فكالترتيب بين المضمضة، والإستنشاق بأن يوقع المضمضة أولاً، ثم يستنشق بعدها، وهو مسنون.
وأما الترتيب بين مفروض، ومسنون؛ فكالمضمضة، والإستنشاق، مع غسل الوجه يبدأ بالمضمضة أولاً، ثم الإستنشاق وكلاهما سنة، ثم يغسل وجهه، وهو الفرض، وهذا الترتيب مسنون أيضاً، والذي ورد في الحديث من كونه غسل وجهه، ثم تمضمض؛ إنما هو بين مسنون، ومفروض، ومحل الكلام فيما بين المفروضات، وبناءً على ذلك يكون هذا الحديث لا علاقة له بالترتيب الواجب، ولا يصحّ الإستدلال به على إسقاطه، وهذا أمر يُغْفِله