البدن لم ينقض؛ لأنه لم يجتمع فيه الوصفان الموجبان لانتقاض الطهارة، وهما خروجه من المخرج، وكونه خارجاً نجساً بل وُجد فيه وصف واحد وهو كونه خارجاً نجساً، ولكنه ليس من الموضع هذا بالنسبة لمسألة أن كل خارج نجس من سائر البدن يوجب إنتقاض الوضوء.
من الأدلة على أنه لا ينقض الوضوء، وهو من أقواها حديث عباد بن بشر -رضي الله عنه- لما قام على الشعب يحرسه، وجاءه السّهم العائِر فنزفَ، وهو يصلي، فلولا أنه خشي على صاحبه لما قطع صلاته، فأقرَّ على ذلك من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم ينكر عليه إستمراره في الصلاة، مع كون الخارج نجساً، لأنه لم يخرج من المخرج المعتبر فلم يوجد فيه الوصفان الموجبان لانتقاض الطهارة، فدلّ على أن خروج الدّم من غير السبيلين لا يوجب إِنتقاض الوضوءِ.
قوله رحمه الله:[أو كَثيراً نجساً غَيْرهما]: غيرهما أي: غير البول، والغائط، وهو الدم مثلاً، والنّجس غير البول، والغائط يشمل أمثلة منها:
الدم، والقيح، والقيء، كلّ ذلك يعتبر نجساً، ويعتبر من النّجس الخارج من غير السبيلين، وهو من غير البول، والغائط، وجميعها ناقضة للوضوء.
فأصحاب هذا القول ينظرون إلى صفة الخارج، لا إلى المخرج، ومن هنا قال رحمه الله:[منْ بَقِيةِ البَدنِ]، فمن قاء فقد إِنتقض وضوءه على هذا الأصل لأنه نجس خارج من البدن، ومن رعف انتقض وضوءه لأن الدم نجس فيوجب إِنتقاض الوضوء، وكذلك من خرج منه القيح؛ لأن القيح متولد من الدم، وما تولد من نجس فهو نجس والفَرْعُ يأخذُ حكمَ أصْلِه.