للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذه الأمور كلها إذا خرجت أوجبت انتقاض الوضوء على الأصل الذي قررناه من كون الخارج النجس يوجب انتقاض الوضوء، وقلنا إن الصحيح أن الخارج النجس لا يُعتبر ناقضاً للوضوء؛ إلا القيء ففيه تفصيل واستثناء ثبت به الدليل.

لكن هنا شرط ذكره المصنف عبّر عنه بقوله: [كثيراً] فمفهوم قوله: [كثيراً] أنه لو كان قليلاً، لا ينقض الوضوء.

وتفصيل ذلك: قالوا إذا خرج من الإنسان دم يسير؛ كالبثرة التي تسمى في عرف الناس اليوم بـ (الحبة) تكون على ظاهر الجسد فينزف الدم منها قليلاً، أو يعصرها فيُخرج دمها اليسير فإنه لا ينقض الوضوء، وأيضاً لو استاك فأدْمى لُثّته، فخرج دم قليل من طرف اللثة، أو جرح جرحاً صغيراً وخرج دم يسير هذا كله لا ينقض الطهارة لكونه يسيراً؛ لكن لو كان كثيراً انتقض وضوءه، إذاً يفرقون بين القليل، والكثير من النجاسات الخارجة من غير السبيلين.

فيرد السؤال: ما هو الضابط الذي يفرق فيه بين القليل، والكثير عندهم؟

والجواب: أن لهم أقوالاً متعددة منها: ما اختاره غير واحد، ومنهم الإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله ونصّ عليه في المغني، والعمدة، وكذلك اختاره الزركشي من أئمة الحنابلة، وفقهائهم -رحمة الله عليهم-: أن الكثير ما لا يتفاحش في النفس أي الشيء الذي إذا رأيته لم تره كثيراً هذا اليسير، وضدّه الكثير، وحينئذ يرد إشكال، وهو أن الناس يختلفون فلو قلنا بهذا الضابط، فكيف نقدَره بنظر الناس؟

<<  <   >  >>