تقوية للحكم بالنقض في الصورة الثانية دون الأولى، لأن الأولى الشهوة فيها موجبة للنقض سواء مس الذكر الفرج، أو غيره.
قوله رحمه الله:[ومسه امرأة بشهوة]: معناه أن من نواقض الوضوء أن يمس الرجل المرأة بشهوة، وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في هذه المسألة: فمنهم من قال: لمس النساء كله ينقض الوضوء سواءً كانت محرماً، أو غير محرم، وسواءً وجد الشهوة، أو لم يجدها، وهذا القول إِحتج أصحابه بظاهر قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}(١) قالوا: إن الله -عز وجل- حكم بانتقاض الوضوء بلمس النساء، حيث ذكره مع النواقض.
وقال طائفة من العلماء: إن لمس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً؛ وذلك لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كان يصلي بالليل، وعائشة -رضي الله عنها- معترضة بين يديه قالت:[فإذَا سَجَدَ غَمَزَني]، ولما ثبت أيضاً في الحديث الصحيح أنها قالت: إفتقدت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فجالت يَدي فوقعت على قدمه ساجداً يقول:[يا مُقَلّبَ القُلوبِ ثَبّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ] قالوا: فهذا يدل على أن لمسها ولمسه لها لا يوجب إنتقاض الوضوء؛ ولأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حمل أمامة بنت أبىِ العاص في الصلاة قالوا: ولم ينتقض وضوءه، ولِمَا جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من تقبيله بعضَ نسائه قبل خروجه إلى الصلاة كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالوا: فمجموع هذه النصوص يدلّ على أن لمسَ النّساء لا يوجب إنتقاض الوضوء.