وجمع بعض العلماء بين القولين فقالوا: إن لمسَ النساء يُوجب إنتقاض الوضوء إذا وجد الشهوة، أو قصدها، ولا يوجب انتقاض الوضوء إذا لم يجد الشهوة، وحملوا قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} على الجماع، والسياق، والسباق دال عليه، والقاعدة (أن السِّياق، والسِّباق محكم)، وسباق الآية، وسياقها يدل على أن المراد بـ {لَامَسْتُمُ} الجماع ثم زيادة المبنى في قوله: {لَامَسْتُمُ}، والقاعدة:(أنّ زيادةَ المبْنى تَدُلُّ على زِيادَةِ المعْنَى)، والسُّنة تصرف {لَامَسْتُمُ} من ظاهرها إلى هذا المعنى الذي يقويه السياق والسباق مع قرينة اللغة كما ذكرنا.
وبناءً على ذلك قالوا: وجود الشهوة، والإحساس بها مظنّة الحدث أي ينزّل منزلة الحدث.
وفرَّع بعض العلماء على هذا تفريعات ولكن لا يقوى الدليل عليها كقول بعضهم: إن مجرد النظر إلى المرأة كزوجته لو نظر إليها بشهوة انتقض وضوءه بل قال بعضهم: بأن النظر إلى الأمرد بشهوة يوجب إِنتقاض الوضوء، والذي يقوى كما قدمنا أن العبرة بالحدث نفسه إلا ما استثناه النص من تنزيل المظنة منزلة الحدث كالنوم، وأما ما عداه فيبقى على الأصل لظاهر السُّنة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:[لا يَقْبلُ الله صَلاةَ أَحدِكُم إِذَا أَحْدَث حَتّى يَتوضّأَ] فنبقى على الأصل من طهارته، وأما مظنات الحدث الضعيفة لا يقوي اعتبارها.
قوله رحمه الله:[أو تمسُّه بها]: أي بشهوة فالضمير عائد إليها، فإذا مسته المرأة بشهوة فإنه يحكم بانتقاض وضوئها كالرجل.