قال رحمه الله:[ويَجِبُ التَّيَمُّمُ بِتُرابٍ لهُ غُبارٌ]: خصّ المصنف -رحمه الله- التيمم بالتُّراب على ظاهر ما ثبت عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقوله:[جُعِلتْ لي الأرضُ مَسْجداً، وتُربَتُها طَهُوراً] أي: جعلت التربة لأمة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَهوراً. قالوا: فدلّ هذا الحديث على أنّ التراب يُتيمم به، وهذا مستفاد من ظاهر آيتي النساء، والمائدة في قوله سبحانه:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.
إذا ثبت أنّ التراب يُتيمم به بدلالة نصّ الكتاب، والسُّنة؛ فإنّ العمل عند أهل العلم على ذلك، وليس هناك خلاف بين أهل العلم -رحمهم الله- أنّ التراب يُجزئ في التيمم.
ولكن الخلاف بينهم: هل يشترط أن يكون له غبار؟ هذه المسألة الأولى.
والمسألة الثانية: هل ينحصر التيمم في التراب، أو يشمله، وغيره مما صَعَدَ على وجه الأرض؟
فأما بالنسبة للتراب الذي له غبار، فإنه لا خلاف فيه بين أهل العلم -رحمة الله عليهم- أنه لو حصل به التيمم يُجزيه، وذلك لظاهر نصّ الكتاب، والسُّنة، وأجمع عليه العلماء رحمة الله عليهم كما ذكرنا.
وأما اشتراط أن يكون له غبار؛ فهي مسألة خلافية بين أهل العلم -رحمهم الله-: أصحها: أنه لا يشترط أن يكون له غبار، وذلك لظاهر الكتاب، والسنة، فأما الكتاب فقوله سبحانه وتعالى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ووجه الدلالة: أن ظاهر قوله: {صَعِيدًا} العموم، فيشمل جميع ما صَعَدَ على وجه الأرض من التراب، ولم يخصّه سبحانه بكونه له غبار.