وقوله رحمه الله:[مَسْحُ وَجْهِهِ]: المراد به: أنه بعد أن يضرب بيديه الأرض يمسح بهما وجهه؛ لظاهر التنزيل في قوله تعالى:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ}، وظاهر السُّنة في حديث عمّار رضي الله عنه قال:[فَمَسحَ بِهِمَا وَجْهَه] والمسح بالوجه يقع بالكفّين تأسياً بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويُستثنى من ذلك أن يكون أقطع يد، أو مشلولها فحينئذ يمسح بيدهِ السّليمة الأخرى.
قوله رحمه الله:[ويَديهِ إلى كُوعَيْهِ]: أي: ويمسح يديه إلى كوعيه؛ وذلك لقوله تعالى:{وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} واليد: الأصل فيها أنها تطلق من أطراف الأصابع إلى المنكب، فكلّه يدٌ إلاّ ما خُص، فتُخصُّ بالكفين بالدليل كما في قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}(١) فجاءت السُّنة وبينت محلّ القطع، فخصّصتْ اليدَ بالكفِّ، ولذلك قالوا إنما خصّصنا الكفين بالمسح؛ لظاهر حديث عمّارٍ رضي الله عنه قال:[فَمَسحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، وكفّيْهِ].
فدل على أن المراد باليدين في آية التيمم: الكفّان، فتكون السُّنة مبيّنةً للقرآن، ويكون الكفّان: هما قدر الإجزاء، وما زاد على الكفين ليس بواجب، وما ورد من الأحاديث بالزيادة إن صحّ حُمِلَ على الكمال، لا على الفرض.