للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا من باب إلغاء غيره، والقاعدة: " أن ذِكرَ الفَرْد مِنْ أَفْراد العَامّ لا يَقْتضي تَخصيصَ الحُكمِ بهِ ".

كذلك من أدلتهم على تخصيص التيمم بالتراب [أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَربَ بيديْه الأرضَ ومسحَ بِهما وجْهَه، وكفّيهِ]، ولا معنى للضرب إلا طلبُ الغبار، وهذا كما قلنا أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل ذلك في بعض ما يجزئ التطهر به، وهو التراب، ومن طبيعته إذا تيمم به الإنسان أن يضرب بكفّيه عليه كما أن من طبيعته إذا تيمّم بالحجر أن يمسح عليه، فكلُّ فرد من أفراد العام يُراعي المتيممُ طبيعَتَه عند التيمم به، ثمّ إننا نقول: لا نسلم ما ذكرتم من أن المقصود بالضرب طلب الغبار على وجه يصير مخصصاً للرخصة، لأنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام: أنه نَفخَ في يَديْه بعد ضَرْبهما على الأرض، والنّفخ يزيل الغبار، فبطل ما ذكروه.

قوله رحمه الله: [وفُروضُه مَسْحُ وجْهِهِ، ويَديْه إِلى كُوعَيهِ]: بعد أن بيّن رحمه الله: متى يجوز التيمم وما الذي يتيمم به شرع في بيان صفة التيمم، والمناسبة على هذا الترتيب واضحة، وقوله رحمه الله: [وفُروضُه] الضمير عائد إلى التيمم، وتقدم معنا بيان معنى الفرض لغة، واصطلاحاً، والتعبير بقوله: [وفُروضُه] دالّ على أن المراد: بيان صفة الإجزاء التي لا يصحّ التيمم بدونها.

قوله رحمه الله: [مَسْحُ وجْهِهِ]: الوجه: ما تحصل به المواجهة، وقد تقدم ضابط الوجه في صفة الوضوء، وأنه من منابت الشعر عند ناصيته إلى ما انحدر من الذقن، واللّحيين طولاً، وأما عرضاً، فمن الأذن إلى الأذن.

<<  <   >  >>