للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ظاهر السُّنة أن الله وصف المُتَيمم به بكونه صعيداً طيباً، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصف المدينة بكونها طيبة مع أن أكثر أرضها حرار؛ فدل على أن وصف الطّيب ليس منحصراً بالتراب الذي له غبار، وأن المراد به: الطهارة وتكون في كل شيءٍ بحسبه.

إذا ثبت هذا فيجوز لك أن تتيمم بالتراب، وبغير التراب مما صعد على وجه الأرض، لكن يشترط أن يكون طاهرا، فلا يُتيمم بنجس.

والمصنف رحمه الله مشى على مذهب الذين قالوا: بتخصيص التيمم بالتراب؛ وقد استدلوا على مذهبهم بتخصيص التيمم بالتراب بقوله عليه الصلاة والسلام: [جُعِلتْ لِيَ الأرضُ مَسْجِدَاً، وتُرْبَتُها لَنا طَهُوراً] ووجه الدلالة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصّ على أن التراب يُتيمم به، ومفهوم ذلك أن غيره لا يتيمم به.

وهذا الإستدلال يجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أنه إستدلال بمفهوم اللقب، ومفهوم اللقب ضعيف على القول الراجح عند الأصوليين.

الوجه الثاني: أنّ النصّ الوارد في إباحة التيمم في دليل الكتاب عامُّ، وهو قوله سبحانه وتعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} والحديث الذي استدلوا به ذكر فرداً من أفراد هذا العامِّ، وهو التراب، فلم يقتض هذا الذكر لهذا الفرد أن يكون العامُّ مخصصاً به، بل نقول إنه لا تعارض بينهما، فالآية تبقى على عمومها، وكون السنة وردت بفرد من أفراد ذلك العام يكون بمثابة التمثيل

<<  <   >  >>