والأول: أقوى الوجهين روايةً، ومعنى، فهو أقوى رواية لأنه رواية أكثر الشيوخ كما قدمنا عن القاضي عياض رحمه الله، وهو أقوى معنى لأن فيه معنى زائداً على الوجه الثاني، لأن الوجه الثاني إختص بالشياطين، وأما الوجه الأول: فإنه لم يختص بهم بل شمل الشر كله بالإضافة إلى الشياطين كلهم ذكوراً، وإناثاً، فهو أعم.
وهذا الدعاء النبوي حرز من الله تعالى للمسلم يعصمه به سبحانه من أذية الشياطين، وشرورهم في هذا الموضع الذي أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه تحضره الشياطين، كما في حديث السنن من قوله عليه الصلاة والسلام:[إن هذه الحُشوشَ محتَضَرة] أي تحضرها الشياطين، والحُشُوشُ: جمع حِشٍ، وهو البستان في لغة العرب، وعبّر به عن موضع قضاء الحاجة لأنهم كانوا في الغالب يقضون الحاجة في الحيطان، والبساتين، ولم يكن عندهم مراحيض، وأماكن مخصصة لقضاء الحاجة كما جاء في الأثر عن عائشة رضي الله عنها.
فشرع للمسلم أن يقول هذا الدعاء معتصماً بربه ملتجئاً إليه سبحانه؛ فإنه نعم المولى ونعم النصير.
قوله رحمه الله:[وعنْدَ الخروج منه: غُفْرانَكَ]: وعند الخروج منه أي: بعد أن يخرج؛ لأنه إذا أراد الخروج لا يُشرع له أن يتكلم حتى يجاوز موضع قضاء الحاجة، فإذا جاوز موضع قضاء الحاجة قال:[غُفْرانَكَ] وأصله: إِغفرْ غُفْرانَك، أو أسألك اللهم غفرَانَك، والغفر: أصله الستر، ومنه المِغْفَر؛ لأنه يستر رأس الإنسان من ضربات السلاح في الحرب قالوا: سميت المغفرة