للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مغفرة؛ لأن الله إذا غفر ذنب العبد كأن لم يكن منه ذنب، فأصبح كأنه خالياً من ذلك الذنب سُتِر عنه ذنبه، وكُفي مؤنته كما أن الإنسان إذا لبس المغفر كُفي شَرّ السلاح، وأذيته، وقوله: [غُفْرانَكَ] دعاء ثبت عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في حديث عائشة رضي الله عنها عند الترمذي، وأبي داود، والنسائي أنه كان يقول عليه الصلاة والسلام عند خروجه من الخلاء: [غُفْرانك].

وللعلماء -رحمة الله عليهم- في استغفار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد قضائه لحاجته، وخروجه أقوال:

قال بعض العلماء: إستغفر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأن الإنسان لا يأمن من حصول بعض النظر إلى عورته، فلما كان الناس في غالب حالهم لا يسلمون من الوقوع في هذه الإخلالات أثناء قضاء حاجتهم سنّ لهم ذلك لتحصل به المغفرة لهم، فيكون قد عنى بذلك غالب أمته لا نفسه عليه الصلاة والسلام؛ لكونه معصوماً، وهذا القول يَقْوى على مذهب من يُحرّم نظر الإنسان لعورته إلا من حاجة.

وقيل: لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُغل عن ذكر الله -جل وعلا- بقضاء الحاجة فقال: [غفرانك] لضياع هذا الوقت دون ذكر لله -جل وعلا-، وكما قالوا: حسناتُ الأبرارِ سيئاتُ المقربين، فهذا من كمال عبوديته لله، وكمال حبه، وتعلقه بذكر الله -سبحانه وتعالى- أن هذا الوقت مع حاجة الجسم إليه، وأنه في حالة عذر عن ذكر الله يستغفر من ذهابه، دون أن يذكر الله -جل وعلا- فيه، وهذا فيه تنبيه للمسلم أنه ينبغي عليه أن يكثر من ذكر الله، وأن يحرص على

<<  <   >  >>