للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأكثر من ذلك أن الإمام السادس المعصوم عندهم الذي إليه ينسبون مذهبهم في الفروع جعفر بن محمد الباقر كان يعظمه ويجله إلى حد كبير كما ذكر أبو الفرج الأصفهاني الشيعي (١) نقلاً عن الأشناني عن عبد الله بن جرير أنه قال:

"رأيت جعفر بن محمد يمسك لزيد بن علي بالركاب ويسوي ثيابه على السرج" (٢).

ثم إن رفض الشيعة زيد بن علي لم يكن شيئاً مستغرباً ولا جديداً، بل ذلك خلق توارثه الأبناء عن آبائهم من قديم، فإنه لزمهم من أول يوم وجدوا فيه، فقد اشتكى منهم في ذلك كثير من أئمتهم الذين يعتقدون بعصمتهم وأنهم لا ينطقون عن الهوى، وأولهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث خذلوه ورفضوا نصرته وتأييده في عديد من المعارك والحروب بعد ما بايعوه، وحلفوا على طاعته والولاء له، وتستروا وراء اسمه، ولكن كلما دعاهم إلى المناصرة والمساعدة بدأوا يتسللون منها ملتمسين الأعذار، وبدون التماسها أيضاً .. حتى قال مخاطباً إياهم:

"يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم، معرفة - والله - جرّت ندماً، وأعقبت صدماً .. قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قبحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، ولكن لا رأي لمن لا يطاع" (٣).

وفي معركة أخرى ارتكبوا نفس العمل الذي تعودوه، فقال:

"ألا وإني دعوتكم لقتال هؤلاء ليلاً ونهاراً وسراً وإعلاناً .. فتواكلتم


(١) هو أبو الفرج علي بن الحسين، ولد بأصفهان سنة ٢٨٤ ومات سنة ٣٥٦هـ‍، وقد ذكره محسن الأمين في طبقات شعراء الشيعة وطبقة المؤرخن - أعيان الشيعة ج١ ص١٧٥
(٢) مقاتل الطالبين للأصفهاني ص١٢٩ - ط دار المعرفة بيروت
(٣) نهج البلاغة ص٧٠، ٧١ - ط بيروت

<<  <   >  >>