للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محتاجا وأبوه كان أجيرا لابن جدعان على مدّ يقتات به. بل كان أبو بكر ذا مال جزيل ينيف على أربعين ألف درهم، فأنفقها كلها في الله وأعتق المستضعفين من العبيد المؤمنين المعذبين في ذات الله سبحانه وتعالى، ولم يعتق عبدا ذا معونة بل كل معذب ومعذبة في الله. إلى أن أذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة، وما كان بقي لأبي بكر - رضي الله عنه - من المال غير ستة آلاف درهم حملها كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يبق لأهله منها درهما فردا. ثم أنفقها كلها في سبيل الله حتى لم يبق له شيئا، وصار محلى بعباءة له إذا نزل فرشها وإذا ركب لبسها. وأما غيره من الصحابة فقد تمولوا واقتنوا الضياع والرباع من حلها وطيبها، إلا من آثر في سبيل الله زهدا.

ثم ولي الخلافة فما اتخذ جارية ولا توسع في مال. وعُد عند موته ما أنفق على نفسه وولده من مال الله الذي لم يستوف منه إلا بعض حقه، ثم أمر بصرفه إلى بيت المال من صلب ماله الذي حصل له من سهامه في المغازي والمقاسم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فهذا هو الزهد في اللذات والمال الذي لا يدانيه أحد من

<<  <   >  >>