وأما التقوى، فلقد كان علي رضي الله عنه وأرضاه تقيا نقيا، إلا أن الفضائل يتفاضل فيها أهلها، وما كان أتقاهم له إلا أبا بكر. والبرهان على ذلك أنه لم يسؤ قط أبو بكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كلمة، ولا خالف إرادته في شيء قط ولا تأخر عن تصديقه ولا تردد عن الائتمار له يوم الحديبية إذ تردد من تردد. وقد تكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر إذ أراد علي نكاح ابنة أبي جهل بما عُرف. وما وجدنا قط لأبي بكر توقفا عن شيء أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[إلا مرة واحدة عذره] فيها وأجاز له فعله، وهي إذ أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قباء فوجده يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر تأخر وأشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقم مكانك، فحمد الله أبو بكر على ذلك ثم تأخر فصار في الصف، وتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بالناس، فلما أتم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما منعك أن تثبت حين أمرتك» فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فهذا غاية التعظيم والطاعة والخضوع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وما