أحوالهم المادية علي أن يعيشوا علي نفقات آبائهم، وقسما خارجياً لمن يريد أن يرجع في المساء إلى بيت أهله وذويه. أما القسم الداخلي فكان بالمجان أيضا، يهيأ للطالب فيه الطعام والنوم والمطالعة والعبادة .. وبذلك كانت كل مدرسة تحتوي علي مسجد، وقاعات للدراسة، وغرف لنوم الطلاب، ومكتبة، ومطبخ وحمام. وكانت بعض المدارس تحتوي فوق ذلك على ملاعب للرياضة البدنية في الهواء الطلق. ولا تزال لدينا حتى الآن نماذج من هذه المدارس التي غمرت العالم الإسلامي كله، ففي دمشق لا تزال المدرسة النورية التي أنشأها البطل العظيم نور الدين الشهيد، وهي الواقعة الآن في سوق الخياطين، ولا تزال قائمة تعطينا نموذجا حيا لهندسة المدارس في عصور الحضارة الإسلامية، لقد زارها الرحالة ابن جبير في أوائل القرن السابع الهجري، فأعجب بها وكتب عنها. ونجد مثلها في حلب في مدارس الشعبانية والعثمانية والخسروية، حيث لا يزال فيها للطلاب غرف يسكنونها وقاعات للدراسة، وقد كانوا من قبل يأكلون فيها، ثم عدل عن ذلك إلى راتب معلوم في آخر كل شهر يعطى للطلاب المنتسبين إليها.