ليس أدل على رقي الأمة وجدارتها بالحياة واستحقاقها لقيادة العالم، من سمو النزعة الإنسانية في أفرادها، سمواً يفيض بالخير والبر والرحمة على طبقات المجتمع كافة، بل على كل من يعيش على الأرض من إنسان وحيوان، وبهذا المقياس تخلد حضارات الأمم. وبآثارها في هذا السبيل يفاضل بين حضارتها ومدنياتها.
وأمتنا بلغت في ذلك الذروة التي لم يصل إليها شعب من قبلها على الإطلاق، ولم تلحقها من بعدها أمة حتى الآن: أما في العصور الماضية، فلم تعرف الأمم والحضارات ميالين للبر إلا في نطاق ضيق لا يتعدى المعابد والمدارس، وأما في العصور الحاضرة، فإن أمم الغرب وإن بلغت الذروة في استيفاء الحاجات الاجتماعية وعن طريق المؤسسات الاجتماعية وعن طريق