وهذا لون طريف من ألوان حضارتنا الزاهية، كان له أثر كبير في نشر الثقافة وذيوع العلم، ورفع المستوى الاجتماعي والذوق العلمي في الأوساط الثقافية هو تلك المجالس والندوات العلمية التي تعددت في عواصمنا ومدننا الكبرى مع ما كان للمدارس والمعاهد والمكتبات من عظم وكثرة. هذه المجالس في تعددها وتنوع أبحاثها كانت مظهراً رائعاً من مظاهر اليقظة الفكرية في أمتنا إبّان مجدها وقوتها، وإنك لا تشك حين ترى مختلف طبقات الشعب من خلفاء وأمراء وعلماء وأدباء وشعراء .. يجعلون من أبحاثهم في مجالسهم الخاصة والعامة مباريات علمية وأدبية وفلسفية، إن هذه الأمة بلغت من الشغف بالعلم والظمأ لارتياد مناهله، حداً يشعرك بعظمتها ورقيها.