فمجالس في رحاب الخلفاء يتصدرها الخليفة بنفسه، وينتظم في عقدها أشهر العلماء والأدباء والفقهاء في عاصمته، ولقد كانت مجالس الخلفاء تتطور بتطور الحضارة الإسلامية ونمو ثقافتها. فهي في عهد الخلفاء الراشدين تتحدث عن شؤون الدولة وأعمال الولاة، بمثابة مجلس نيابي يتحدث فيه عظماء القوم عما يهمّ الدولة من شؤون وقضايا متنوعة .. احتاج عمر بن الخطاب يوماً إلى والٍ كفءٍ يُوليه عملاً هاماً من أعمال الدولة، فقال لجلسائه: دلوني على رجل أستعمله على أمر قد أهمني، فقالوا: فلان، قال: لا حاجة لنا فيه، قالوا فمن تريد؟ قال: أريد رجلاً إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم، وإذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم، قالوا: ما نعرف هذه الصفة إلا في الربيع بن زياد الحارثي، قال صدقتم، فولاه. ثم أصبحت مجالس الخلفاء في عهد الأمويين مجالس للأدب والحكمة والشعر ..
حضر عبد الله بن هاشم مجلس معاوية ذات يوم، فقال معاوية: من يخبرني عن الجود والنجدة والمروءة؟ فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين! أما الجود فابتذال المال والعطية قبل السؤال، وأما النجدة فالجراءة على الإقدام