ومن المناظرات التي وقعت في مجلسه، أن محمد ابن الحسن صاحب أبي حنيفة وصف الكسائي بأنه لا يُحسن الفقه، وإنما يحسن شيئاً من كلام العرب، فقال الكسائي: من تبحر في علم واحد اهتدى به إلى سائر العلوم، فقال له محمد يختبره: ما تقول فيمن سها في سجود السهو، هل يسجد مرة أخرى؟ قال الكسائي: لا، قال محمد: لماذا؟ فأجاب الكسائي: لأن النحاة تقول: المصغّر لا يصغر.
وأما المأمون فكان مجالسه من أروع المجالس العلمية في تاريخ الحضارة الإسلامية، إذ كان هو نفسه من أساطين العلماء، وكان بلاطه يموج بجمهرة عظيمة من رجال العلم والأدب والشعراء والأطباء والفلاسفة الذين استدعاهم المأمون من جهات متعددة من أنحاء مملكته وشملهم جميعاً بعنايته مهما اختلفت مشاربهم أو جنسياتهم، وكثيراً ما كان يبدأ المناقشات ويثير العلماء