وفي الزهراء المجلس المسمى (قصر الخلافة) وكان سقفه وحيطانه من الذهب والرخام الغليظ الصافي لون المتلون أجناسه، وفي وسطه حوض عظيم مملوء بالزئبق، وفي كل جانب من جوانب المجلس ثمانية أبواب على حنايا من العاج والأبنوس المرصع بالذهب وأصناف الجواهر قامت على سواري من الرخام الملون والبلور الصافي، وكانت الشمس تدخل على تلك الأبواب فيضرب شعاعها على صدر المجلس وحيطانه، فيصير من ذلك نور يأخذ بالأبصار، وكان الناصر إذا أراد أن يفزع أحداً من أهل مجلسه أومأ إلى أحد مواليه فيحرك ذلك الزئبق، فيظهر في المجلس كلمعان البرق من النور، ويأخذ بمجامع القلوب، حتى يخيل لكل من في المجلس أو المحل قد طار بهم ما دام الزئبق يتحرك.