يجعلون الصلة بينه وبين الحاكم صلة بين العبد وسيده، فالحاكم هو السيد المطلق يتصرف بالشعب كما يشاء وكانت المملكة تعتبر ملكا خاصا للملك تورث عنه كما تورث بقية أمواله، ويستبيحون من أجل ذلك أن تقوم الحرب بين دولة وأخرى من أجل المطالبة بحصة أميرة في العرش، أو للخلاف على ميراث الأصهار!
أما العلاقة بين الأمم المتحاربة فهي استباحة الغالب لكل ما في يد المغلوب وما في وطنه من مال وعرض وحرية وكرامة، وظل الأمر كذلك حتى قامت الحضارة الإسلامية تعلن فيما تعلن من مبادئها أن الشعب هو صاحب الحق في الإشراف على حكامه، وأن هؤلاء ليسوا إلا أجراء يسهرون على مصالح الشعب وكرامته بأمانة ونزاهة، وفى هذا يقع لأول مرة في التاريخ أن يحاسب فرد من أفراد الشعب حاكمه عما يلبس، من أين جاء به، فلا يحكم عليه بالإعدام، ولا يقاد إلى السجن، ولا ينفى من الأرض، ولكن يقدم له الحاكم حسابه حتى يقتنع ويقتنع الناس! ولأول مرة في التاريخ يقول أحد أفراد الرعية لحاكمه الأكبر: السلام عليك أيها الأجير! فيعترف الحاكم بأنه أجير الشعب، عليه ما على الأجير من حق الخدمة بإخلاص، والنصح بأمانة. أعلنت الحضارة الإسلامية هذا فيما أعلنته وطبقته