للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذروة من النزعة الإنسانية حين يقرر وحدة العوالم كلها من إنسان وحيوان ونبات وجماد وأرض وأفلاك في سلك العبودية لله والخضوع لنواميس الكون، وما أروع ما يطلبه القرآن من المسلم أن يذكره في كل ركعة من ركعات صلاته {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (١)، إنه لواجب أن يذكر المسلم أنه جزء من الكون مخلوق لإلّه واحد متصف بالرحمة البالغة الشاملة، فليكن المسلم في هذا العالم الذي يعيش فيه وهو محتاج إليه مثالا للرحمة التي يتصف بها الله، وهو غني عن العالمين.

هذه هي مظاهر النزعة الإنسانية في مبادئ حضارتنا وتشريعها حين أُعلنت للناس، فكيف كان واقعها حين حكمت وانتصرت؟ هل ظلت تلك المبادئ ميثاقاً كميثاق حقوق الإنسان في شرعة الأمم تحتفل الدول بذكرى إعلانه يوماً في كل عام، بينما تمتهنه الدول الكبرى في كل ساعة وفي كل يوم وفي كل شهر من شهور السنة؟ .. هل ظلت تلك المبادئ حبيسة في البلد الذي أُعلنت فيه كما احتبست مبادئ الثورة الفرنسية في فرنسا وحرِّمت علي


(١) الفاتحة- (٢ - ٣).

<<  <   >  >>