للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والنافع في ثوب المقدس؛ ذلك أن الفكرة إذا كانت فعالة في بعض الظروف فلأنها استطاعت أن تتمتع بخاصية القداسة عند أهل العصر.

لقد أودعت أوربة القرن التاسع عشر قدرها في ثلاث كلمات: العلم، التقدم، الحضارة. فكانت هذه أفكار اً مقدسة سمحت لها أن ترسي داخل حدودها قواعد حضارة القرن العشرين، وأن تبسط خارج حدودها سلطتها على العالم. وحتى قيام الحرب العالمية الأولى، لم تفلح أيّة (هرطقةٍ) ولم تتكن أية معارضةٍ من مواجهة هذه الأفكار.

لقد كانت فعالة! لا فرق أصحيحة هي أم باطلة طالما كلٌّ ينحني للقانون الأكثر فعالية والأقوى.

واليوم ماذا بعد الحربين العالميتين؟ لا أحد ينكر قوة هذه الأفكار في عالم الأشياء، لكنّ العالم كلّه اليوم وأوربة على الأخص تضع خصائص قدسية هذه الأفكار موضع بحث وتمحيص .. ؛ حتى بعد الدقائق الخفاقة التي عاشتها الإنسانية جمعاء حين حطّ رواد الفضاء أرجلهم على سطح القمر (١).

لكن حينما يوضع الطابع المقدس لفكرةٍ ما للمناقشة الدقيقة فذلك ليس فيه ما يشين. فها هو الفيزيائي الفرنسي (بواس bouss) لم يقبل حتى وفاته بنظرية (أينشتاين) حول النسبية. لكن ذلك لم يغض من شأنه في نظر الجامعة الفرنسية. إنما يصبح مدعاةً للسخرية حين ينكر فعالية فكرة فعّالة، صائبة كانت أم خاطئة.

ففي بداية العصر القرآني وحتى في أوج الحضارة الإسلامية كان يمكن لسوء


(١) كانت أول رحلة فضائية وطئت فيها قدم إنسان سطع القمر في (٢١) تموز/ يوليو من سنة (١٩٦٩). وكان ذلك في رحلة (أبولو ١١) التي كان قائدها رائد الفضاء الأمريكي (نيل أرمسترونغ: المولود في ولاية أوهايو الأمريكية سنة ١٩٣٠).

<<  <   >  >>