ويبدو أن تعقيداتها لم توفر الأدب العربي. هذا الحقل الخاص الذي تلمع فيه اليوم شهرة أديب (كتوفيق الحكيم) الذي هو في الحقيقة أفضل كاتبٍ روائيٍ عربيٍ معاصر.
ومن المؤلم والمدهش معاً أن نرى مؤلفاً موهوباً مثله يتورط في مواقف لها دلالتها؛ مشيراً إلى أن أفكارنا الأكثر أصالة تخون نماذج ثقافتنا؛ لتساير ثقافةً أجنبية سيئة التجانس.
ومثلاً، ففي إحدى أشهر المقتبسات المسرحيّة نجح توفيق الحكيم في ربط الدراما بمعضلة الصراع بين الحق والقوة.
لكن الشخصية التي طرحت المعضلة ليست عادية. إنها القاضي (العز بن عبد السلام) الذي سيبقى دائماً نموذج القاضي الذي لا يهادن في أداء الواجبات الملقاة على عاتقه.
لكن الشريعة من جهة أخرى لها مصطلحاتها الخاصة، وكل مصطلحٍ له أكثر من معناه اللغوي، إن له شحنةً عاطفية وأخلاقية ارتسمت فيه عبر تاريخ الثقافة.
لذا فإن مفهوم (القانون) خاصة على لسان قاضٍ في منزلة (العز بن عبد السلام) يجب أن يترجم بمصطلح (الشريعة) لتجد وزنها الكامل في المشكلة الأخلاقية.
ومن المدهش أن نرى الشخصية التي مثلت دوره في مسرحية توفيق الحكيم تنطقها (القانون)؛ كما لو كان أي قاضٍ من القضاة، أو أي محامٍ من صغار المحامين بالقاهرة أو الجزائر اليوم.
وهذا المظهر لازدواجية اللغة الذي أدلى بتأثيرات غير متوقعة في التعبير العربي عن أفكارنا ليست أقل مظاهر هذه المشكلة دلالة.