يشار إليه عادةً بهذا الاسم، والذي تجسده أقوى اتحاد احتكاري لشركات البترول، بل على يد قابلية الاستعمار التي كانت تتحرك في شخص الكاشاني وباسم الله.
ولكن ما أن نبدأ بمعالجة الأفكار الميتة التي لم يعد لها جذورٌ في بوتقة الثقافة الأصيلة للعالم الإسلامي؛ حتى نصطدم بالأفكار المميتة التي خلفت في عالمها الثقافي الأصلي جذورها ووفدت إلى عالمنا.
وأحياناً يجسّد الأشخاص أنفسم ظاهرتي هذه المشكلة، فالفيروس الوراثي فيهم يمتص- إذا صح القول- الميكروب الخارجي الوافد إليه. أي أن الفكرة الميتة التي يحملها تنادي وتستدعي الفكرة المميتة التي تلقاها المجتمع الإسلامي.
لقد كان من الصعب إقناع الناقد المحترم لشوقي بالرابط الكامن والمستقر ( ontologique) بين هذين المظهرين المرضيّين. بمعنى أن فكر ما بعد الموحّدين هو الذي ينضحُ الأفكار الميتة من جهةٍ، ويمتص الأفكار المميتة من جهة أخرى.
وتطرح ظاهرة الترابط المزدوجة هذه في وجهها الثاني مشكلةً علينا أن نتجنّب طرحها بشكلٍ معكوس. إذ ليس المقصود في الواقع أن نتساءل لماذا توجد عناصر مميتة في الثقافة الغربية، ولكن لماذا تذهب النخبة المسلمة بالضبط للبحث هناك عن هذه العناصر؟. هذه هي المشكلة التي يتوجب طرحها.
ذلك أن ما يحدد (خيار) هذه النخبة في الواقع ليس مضمون الثقافة الغربية، بل مضمون الوعي في عالم ما بعد الموحدين الذي حدّد (خياراً) لهذه النخبة بإرادة منها، أو بغير إرادة.
فهناك خيار في الواقع لأن العالم الثقافي الغربي ليس كله مميتاً. إذ أنه ما يزال يبعث الحياة في حضارة تنظم حتى الآن مصير العالم.