للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وليس العنصر المميت الذي نصادفه في ذلك الوسط الثقافي إلا نوعاً من النفايات، الجزء الميّت من تلك الحضارة.

وإذا كان وعي عصر ما بعد الموحدين يذهب ليلتقط من العواصم الغربية تلك النفايات بالذات فينبغي ألا يلوم أحداً غيره.

ينبغي أن نأخذ باعتبارنا نتيجة هذه النفايات؛ حينما يتم توليفها في العصارة الثقافية للمجتمع الذي يمتصها.

والنتيجة إذن بكل تأكيد تعفن، إذا رأته العقول السطحية في بلادنا فإنها تخلط بينه وبين الثقافة الغربية.

وينتج الالتباس في هذه النقطة من موقفنا من الثقافة بوجهٍ عام، وبالتالي من موقعنا من ثقافة أوربة بشكل خاص. ومن الواضح أنه إذا كانت الأفكار التي تستورد من الخارج هي أيضاً مميتة في وسطها الأصلي؛ فإنها ستلعب في مجتمعنا الدور نفسه وتعطي النتائج نفسها على الصعيد الاجتماعي، أي مجرد فساد، إذ يجب الإقرار بأن هناك في الوقت نفسه أشياء أخرى في الحضارة، هي أجزاؤها السليمة والقوية التي تمنحها القوة رغم كل شيء.

ويزداد هذا التناقض وضوحاً عندما نعقد بعض المقارنات. فعلى الصعيد الفردي يوجد- مثلاً- فكر إقبال الذي يجعل من ثقافته شغفاً، والذي يستحق الاحترام على الأقل؛ لتجرده، كما يوجد من ناحية أخرى قافلة من المثقفين يشكلون بوعيٍ أو بغير وعي في بلادهم الطوابير الخامسة لثقافة بل لسياسة أجنبية.

هذا الفارق الفردي يكمن في كون إقبال- بجهدٍ شخصي، أو لصدفةٍ استثنائية استطاع أن يقضي على مخزون الأفكار الميتة التي وجدها في بيئته عند ولادته.

<<  <   >  >>