للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن الجدير بالذكر في هذا الخصوص أن نجد في عمله الاهتمام بتجديد أفكار بيئته عبر كتابه الذي ترك ثمرته للأجيال ((إعادة بناء الفكر الإسلامي)).

لكن الذي هو أكثر دلالة هو المقارنة بين فئتين متميِّزتين من تلاميذ الثقافة الغربية، فقد كانت الانطلاقة الحديثة للمجتمع الإسلامي معاصرةً لانطلاقة أخرى في اليابان. فالمجتمعان قد تتلمذا سوية حوالي عام (١٨٦٠) في مدرسة الحضارة الغربية.

واليوم ها هي اليابان القوة الاقتصادية الثالثة في العالم، (فالأفكار الْمُميتة) في الغرب لم تصرفها عن طريقها. فقد بقيت وفيةً لثقافتها، لتقاليدها، لماضيها.

ففي عام (١٩٤٥)، وفي المرحلة الأكثر تعاسةً والأكثر مجداً من الحرب العالمية الثانية أثبت الطيار الانتحاري (كاميكازي) (١) للعالم أن روح (الساموراي) (٢) لم تمت.

بينما المجتمع الإسلامي وبالرغم من الجهود الحميدة التي خصه بها التاريخ تحت اسم (النهضة)؛ فإنه بعد قرنٍ من الزمان ليس غير مجتمع ذي نموذج متخلف.

والواضح في النتيجة أن المشكلة التي تطرح نفسها لا تتعلق بطبيعة الثقافة الغربية، بل بالطبيعة الخاصة بعلاقتنا بها.


(١) (كاميكازي): الطائرات الانتحارية التي ملئت بالمتفجرات في الحرب العالمية الثانية وانقض بها الطيارون اليابان على الاسطول الأميركي وأصل الكلمة ( Kami) باليابانية وهو اسم خاص يمنح لمن يملكون قوى غير عادية في اليابان القديمة.
(٢) (الساموراي). طبقةٌ من المحاربين اليابانيين. انتشرت ابتداءً من القرن الثاني عشر، وتطورت عبر العصور في نظامٍ صارم لشرف المحارب. أُلغيت رسمياً كطبقة سنة (١٨٧٨)، ولكن روح الساموراي لا يزال يبعث الحماس في النفوس والفنون والآداب.

<<  <   >  >>