حينئذ تتغيَّر ملامح الوجه بطريقة ظاهرة، يمكن على ما أعتقد قياسها بالنسبة للَّذين يهتمُّون بالعلاقات الجسديَّة النفسيَّة.
وبالإمكان أن نتوصّل إلى الملاحظة نفسها بمقارنة مباشرة بين ملامح وجه أخوين يختلف المستوى الفكريُّ عندهما.
وهذه الحالة مألوفةٌ خاصةً في المناطق الريفية الجزائرية؛ حيث تكون فرص التعليم موزعةً بطريقةٍ غير متساويةٍ، حتى داخل الأسرة الواحدة. فنحن في نجد فيها مثلاً أخوين أحدهما متعلّم والآخر أمِّيٌّ.
صحيح أنه يوجد بينهما التشابه الذي يشير إلى أصلهما الوراثي المشترك، ولكن توجد خارج ذلك فوارق بارزةٌ في النظرات، وملامحِ الوجه، التي تنبئ عن اختلاف في اطراد الاندماج الاجتماعي.
وبوجه عام ففي سكان بلد ما هنالك النموذج الريفي، والنموذج المديني يميز بينهما علماء الاجتماع ببعض تفاصيل الملبس.
وحتى لو كان رجل المدينة في ملابس ريفيَّة فإنَّه يسهل التعرف عليه إذ يبدو كريفيّ مزيَّفٍ. ورجل الريف في ملابس الأعياد يبدو مدنياً مزيفاً. والشقيقان من أصل وراثيٍّ واحد وبيئة ريفية واحدة يتمايزان كذلك بعلاماتٍ واضحةٍ جليةٍ إذا كان أحدهما قد تردَّد إلى المدرسة دون أن يفعل الآخر ذلك، فدرجة اندماج الفرد الذي يضع قدمه في عالم الأفكار تتحدد بهذه العلامات.
على أنه بعد هذه الخطوة الأولى فالاندماج يأخذ مداه باطراد في سائر مراحل الحياة: النضج، والشيخوخة، وما بعد الشيخوخة، لتتحول شيئاً فشيئاً إلى اطرادٍ نحو عدم الاندماج.