أما على الصعيد التاريخي فالأمر مختلف، إذ يمكن الإشارة إلى أوجه التشابه بين بعض مظاهر النمو العقليِّ عند الفرد، والتطوُّر النفسيِّ- الاجتماعيِّ للمجتمع، وهذا الأخير يمر هو أيضا بالأعمار الثلاثة:
١ - مرحلة الشيء.
٢ - مرحلة الشخص.
٣ - مرحلة الفكر.
بيد أن الانتقال هنا من مرحلةٍ إلى أخرى ليس بالوضوح الذي نراه عند الفرد. فكل مجتمع مهما كان مستواه من التطور له عالمه الثقافي المعقد.
ففي نشاطه المتناغم هنالك تشابك بين العوالم الثلاثة: الأشياء، والأشخاص، والأفكار.
وغيٌّ عن البيان أنَّ خطة هذا النشاط- مهما كان بدائياً- تنطوي بالضرورة على مسوِّغات وأنماط تنفيذية: بواعث في المستوى الأخلاقي، وأفكار تقنية. ولكن يظلُّ هنالك دائماً رجحان لأحد هذه العوالم الثلاثة. وبهذا الرجحان الذي يظهر في سلوك المجتمع وفكره يتميز كلّ مجتع عن سواه من المجتمعات.
فالمجتمع المتخلّف ليس موسوماً حتماً بنقيصٍ في الوسائل المادية (الأشياء)، وإنما بافتقارٍ للأفكار، يتجلى بصفةٍ خاصةٍ في طريقة استخدامه للوسائل المتوفرة لديه؛ بقدر متفاوت من الفاعلية، في عجزه عن إيجاد غيرها، وعلى الأخصِّ في أسلوبه في طرح مشاكله أو عدم طرحها على الإطلاق؛ عندما يتخلى عن أيِّ رغبة ولو مترددة بالتصدّي لها.
ووفقاً لتعبير الاقتصاديين الدارسين لمشاكل العالم الثالث؛ فالأرض هي الوسيلة الأصلح لتأمين (إقلاع) مجتمع ما يمرُّ في مرحلته البدائية، ويتأهب للانتقال إلى مرحلة ثانوية كالصين الشعبية منذ عام ١٩٥١.