لكننا نلاحظ أن أكثر الأراضي خصوبةً في العالم- وتوجد في العراق وأندونيسيا- لم تُمَكِّن هذين البلدين من (الإقلاع).
فهناك فاقةٌ حقيقية في الأفكار تظهر في المجال السياسي والاقتصادي؛ على شكل موانع كابحة، تتوافق من وجهة نظر علم الاجتماع مع الخصائص النفسية- الاجتماعية التي يتميز بها العالم الإسلاميُّ في الوقت الحاضر.
هذه الصورة يمكن أن تجد تفسيرها لدى المؤرخين والاقتصاديين وعماء الاجتماع، كلٌّ حسب طريقته في التحليل.
لكننا نعتقد أننا نقدم لها هنا تفسيراً نفسيّاً اجتماعياً بالرجوع إلى نظرية الأزمنة الثلاثة؛ والتي سنجد مسوغاتها بسوابق المجتمعات المعاصرة.
وبصفة عامةٍ فعلى محور يمثل سائر مراحل التطور يحتل المجتمع التاريخي معاصراً كان أو تالداً مرحلةً محددةً.
والتاريخ يسجل منها ثلاثاً:
١ - مرحلة المجتمع قبل التحضر.
٢ - مرحلة المجتمع المتحضر.
٣ - مرحلة المجتمع بعد التحضر.
والمؤرخون يميزون جيداً في العادة بين الوضع الأول والثاني، ولكنهم لم يهتموا بالتمييز بين هذين الوضعين والوضع الثالث.
فهم يرون أن مجتمع ما بعد التحضُّر هو بكل بساطة مجتمع يواصل سيره على طريق حضارته، وهذا الخلط المؤسف يولد أنواعاً أخرى من الخلط والالتباس تزيف وتفسد المقدمات المنطقية التي يرتكز عليها الاستدلال على الصعيد الفلسفيّ والأخلاقيّ، وعلى صعيد علم الاجتماع، وحتى على الصعيدين الاقتصادي