للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما ما هو جدير بالملاحظة في تجربة المجتمع الإسلامي المعاصر؛ فهو أنه لم يستطع أن يستمد دفعة الإقلاع الحضاري من العالم الثقافي للصفوة من أبنائه الذين نالوا تعليمهم في الجامعات الغربية، كما لم يستلهم روح الحضارة من الإيديولوجيات العملية التي طُوبت ثورية في البلاد العربية بإعطائها تلك الشعلة التي ألهبت روح الجماهير حتى مكّنتهم من سد الطريق أمام (موشي دايان) في حرب الأيام الستة!!، كما لم يستفد في أسلوبه من صرامة التفكير الموروثة من عصر (ديكارت).

بينما الفكرة الدافعة للإسلام نقلت شعلات الجمر المضيئة منذ أربعة عشر قرناً من الجزيرة العربية إلى الأقطار البعيدة؛ موحِّدةً جميع الشعوب الإسلاميّة في ذلك العمل المنسق الرائع؛ ألا وهو الحضارة الإسلاميَّة التي استمرَّت حتى سقوط بغداد وسقوط غرناطة.

وحتى حينما رجع المجتمع الإسلاميّ القهقرى ووصل إلى النقطة c من الرسم البياني، أي مرحلة ما بعد الموحدين (١) فإنَّ هذه الفكرة الدافعة سمحت له أيضاً بمقاومة العدوان الاستعماري ثم استعادة استقلاله.


(١) عصر ما بعد الموحدين: يبدأ عصر ما بعد الموحدين بسقوط الدولة الموحديّة بعد هزيمة الناصر لدين الله الموحدي في موقعة حصن العقاب في الأندلس في ١٥ صفر (٦٠٩ هجرية). وقد اعتبرت هذه الموقعة نذيراً بنهاية قوة المسلمين بالمغرب والأندلس على السواء كما يقول مؤلف تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي؛ إذ سقطت الدولة الموحدية التي أنشأها عبد المؤمن بن علي سنة (٥٢٤ هجرية، ١١٣٠ ميلادية) بعد أن بايعه المهدي بن تومرت، إثر سقوط الدولة المرابطية ثم أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن (١١٦٣ - ١١٨٤) الذي أخضع القبائل ثم غزا طليطلة واشبيلية بجيش جرار يضم قبائل عرب زناته ومصمودة وغمادة وصنهاجة واستولى على مدينة لشبونة. ثم أعقبه يعقوب المنصو ر (٥٨٠ - ٥٩٥ هجرية/ ١١٨٤ - ١١٩٩ ميلادية) الذي انتصر في معركة الأرك على نصارى الأندلس بعد تمردهم وطمعهم في أملاك المسلمين في الأندلس، فقاتل ألفونس حتى طلب الهدنة فهادنه خمس سنوات لكنه نقض العهد وقال لرسل ألفونس: ((الجواب ما ترى لا ما تسمع)) فحلت الهزيمة بألفونس ثانيةً. =

<<  <   >  >>