(البرافدا) قبل تحقيقات (أدغار مو ران) بوقتٍ قصير، حول (العالم الروحي لإنسان اليوم)، فقد نشر تنظيم الشباب السوفياتي في عام (١٩٥٩) رسائل الشباب- وقد لا تكون الرسائل كلها- الذين اشتركوا في المناقشة. ونستطيع أن نشير إلى اثنتين منهما تعطيان صورةً أخاذةً عن الاضطراب في صفوف المثقفين السوفيات.
ووفق تعبير مهندس:، (فإن مجتعاً يحتوي عديداً من المهندسين الذين يكرسون أنفسهم كليةً لعملهم، والقليل من الأشخاص الذين ينتشرون بحثاً عن ثقافةٍ عامة، إن مجتمعاً هذا شأنه سيصبح أشد قوةً من ذلك المجتمع الذي يكثر فيه عدد الباحثين في العلوم الإنسانية ويقل فيه عدد التقنيين)).
وفي رسالةٍ أخرى ويبدو أنها جوالاً على ما سبق يكتب طالب فلسفة:((إذا كان الناس يعيشون فقط ليأكلوا وإذن فإن بلاداً توفر الحاجات وهي متقدمة تقنياً، كالسويد، يمكن أن تكون مثلاً يحتذى. أما إذا كان الهدف الأساسي لكل مجتعٍ توفير أكبر عددٍ من الناس الذين ينصرفون كلياً لمهنتهم؛ حينئذ يصبح مثلنا الأعلى أميركا)).
هذه هي إذن القضية ( Thèse) ونقيضها ( Antithèse) في بلاد الحزب الواحد، والإيديولجية الآحادية، حيث إن فقدان التوازن في علاقة الفكرة بالشيء بدأ يوحي بشعورٍ مضادٍ لا يصبّ في صالح الإيديولوجية الماركسية؛ ولكن لصالح فكرة لا تكون متورطةً في نظام (الأشياء) الحاضر.
ويقع طالب الفلسفة على حدود الإيديولوجية الماركسية في بحثه عن شيءٍ من التوفيق لم يتحدد بعد في عالم ثقافي آخر.
هذه لحظةٌ حرجةٌ في الثقافة السوفياتية، لحظة نفسية يبدأ فيها طغيان الشيء يداخل الشعور ويستهوي لصالحه روابط الإنسان بالمقدس.