إن الشيء هو الذي يصبح مقدساً في وجهة النظر التي عبر عنها المهندس. والجدير بالذكر أن هذا المهندس لا يقتبس حجته في طرحه لموضوعته من عالم الأفكار بل من عالم الأشياء التي تصنع ((المجتمع الأكثر قوة)).
ومن ناحيةٍ أخرى لابد أن نشير إلى: أن طالب الفلسفة لا يفصل في القضية باسم فكرة ماركسية تؤمِّن شروط الرخاء وقوة المجتمع؛ كما فعل أخوه الأكبر منه ببضع عشرة سنةً.
فنحن نراه متردداً، يضع قدميه في السويد مرةً، ومرة في أمريكا؛ من أجل أن يثبت في النهاية ماذا؟ ليس سوى الفراغ الروحي الذي ران على عالم الإنتاج، والذي تشتد وطأته على ضميره.
إنه لا يستعمل في الحقيقة تعابير مورطة في بلاد المادية الجدلية. ولكن ينبغي أن نعيد وضع تعابيره في إطار البحث في (العالم الروحي المعاصر) وأن نثق بحس الملاءمة عند الذين قاموا بهذا التحقيق.
وفي هذا الإطار، فإن فلسفة المهندس هي فلسفة الرجل الذي تسيطر عليه عبادة القوة. إنه ينتمي إلى عالم ثقافي تتخذ فيه الأشياء التي تحقق القوة طابعاً قدسياً.
في حين أن طالب الفلسفة هو الإنسان المختنق بهذا الإطار. وواضح أن رسالته حملت في تضاعيفها رداً على الرسالة الأولى. إنها محاولةٌ للتملص من طغيان الأشياء؛ ليعود إليه التوازن في العلاقة بين الفكرة والشيء لصالح فكرةٍ لم يفصح عنها، أو هو لم يكتشفها بعد.
إنها البحث عن فردوس لم يجده بعد، أو ربما عن فردوس فقده. إن المجتمع السوفياتي لم يعد يجد في داخله بعض الألحان المطبوعة: التي كان قد استلهمها من