وحتى عام (١٩٢٥) فإن الوثن كان يسيطر في ظل الزوايا حيث أرواحنا المتسكعة تذهب لالتماس البركات واقتناء معجزات الحجاب. ففي كل مرة تختفي فيها الفكرة يهيمن الوثن من جديد. والعكس صحيح. ففي عام (١٩٢٥) كانت النتيجة المقابلة: الفكرة الإصلاحية التي خرجت إلى الوجود قد هزت قبب أوليائهم القديمة، وتدحرجت أوثانهم مع أسى عماتنا اللواتي رأين نار احتفالاتهن التقليدية الصاخبة المهداة نذوراً لذكرى الأولياء تنطفئ.
لقد خمدت حرارة المرابطين كيما يسترد الضمير الجزائري مفهوم الواجب. والجنة التي يضمنها الشيخ لمريديه بغير ثمن قد أخلت مكانها لمفهوم الجنة التي لا تدرك إلا بعرق الجبين.
لقد أمسك الإصلاح بكلتا يديه مصير النهضة واضعاً في خدمتها مصادر الروح الإسلامية التي أفلتت من غفلتها.
لقد كانت لحظةً مميزةً فيها وضعت علاقة الفكرة- الشخص في مجرى الفكرة الإصلاحية التي عرفت لحظة (أرخميدس)، وبلغت غاية تألقها في المؤتمر الإسلامي الجزائري عام (١٩٣٦).
فهل كان انتصار الفكرة حاسماً ونهائياً؟
كان ينبغي ألا يكون لدى العلماء في عالمهم الثقافي سبباً يخل بعلاقة الفكرة - الشخص كيما يحولها من جديد إلى علاقة فكرة- وثن.
غير أن العلماء حملوا في ذاتهم عقدة نقص تجاه المثقفين السياسيين إذ كانوا يعدونهم حماتهم.
والواقع أن العلماء لم يكن لديهم حصانة كافية تحول دون الرجوع بقوة إلى الوثن، متنكراً هذه المرة في زي (زعيم) صانع المعجزات السياسية، ومعه